اعتقال 75 من قيادات وأعضاء الإخوان ومبارك خارج السجنأمر النائب العام المصري أمس الخميس، بإخلاء سبيل الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك من سجن مزرعة طُرة.
وأبلغت مصادر قضائية متطابقة مندوبي الصحافة ووسائل الإعلام، أن النائب العام المصري المستشار هشام بركات، صدَّق على قرار بإخلاء سبيل مبارك من سجن مزرعة طُرة، نظراً لأنه ليس مطلوباً على ذمة أي قضية ولانقضاء فترات الحبس الاحتياطي في القضايا المتهم بها .
وكانت محكمة جُنح مستأنف القاهرة قبلت، بعد ظهر الأربعاء، تظلُّم الرئيس الأسبق على قرار حبسه الاحتياطي على ذمة قضية اتهامه بالحصول على هدايا من مؤسسة »الأهرام« الصحفية، وقرَّرت إخلاء سبيله ما لم يكن مطلوباً على ذمة قضايا أخرى، بينما لم تتقدّم النيابة العامة بطعن على حُكم المحكمة باعتبار الحُكم غير قابل للطعن، فتم إنهاء إجراءات إخلاء السبيل ومغادرة السجن.
من جهة اخرى، أعلنت وزارة الداخلية المصرية أمس الخميس، أن الأجهزة الأمنية التابعة لها تمكّنت من إلقاء القبض على 75 من قيادات وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين، عثر مع بعضهم أسلحة وأموالاً مزيفة.
وقالت الوزارة، في بيان صحافي أصدرته ظهر أمس، إن »الأجهزة الأمنية تمكنت من ضبط 75 عنصراً من القيادات والكوادر التنظيمية في جماعة الإخوان المسلمين بمختلف المحافظات«.
وزعمت الوزارة أن الأجهزة الأمنية بمحافظة الجيزة تمكَّنت من ضبط ثلاثة عناصر من جماعة الإخوان وبحوزتهم قرابة المليون ونصف المليون دولار مزيفة، ومسدّس من دون ترخيص، وسيارة بها أثار طلقات نارية وبداخلها كمية من الأسلحة البيضاء.
وأوضحت الوزارة أن عمل أجهزتها الأمنية »يأتي في إطار مواصلة الجهود الأمنية لملاحقة القيادات الإدارية والمكاتب التنظيمية لجماعة الإخوان، والعناصر المنتمية للتنظيم الصادر بشأنهم قرارات ضبط وإحضار من النيابة العامة«.
وكانت تقوم الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية وبمعاونة أجهزة الأمن والمعلومات المصرية، بملاحقة قيادات جماعة الإخوان المسلمين التي اتهمتها بـ »التحريض على ارتكاب أعمال عنف« ضد مؤسسات رسمية ومقار حكومية ودور عبادة ومتاحف والاشتباك مع قوات الأمن، احتجاجاً على عزل الرئيس محمد مرسي القيادي في الجماعة، ما أسفر، حتى الآن، عن مقتل المئات وإصابة الآلاف.
حمل السلاح في مصر سيبرّر جرائم العسكريحذّر كمال ڤمّازي، القيادي في "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" المحظورة، في تصريحه لـ"الشروق"، من انجرار شباب الإخوان إلى حمل السلاح لأنّ ذلك حسبه غاية يريدها الانقلابيون لتبرير جرائهم في حق أنصار الشرعية، كما ندّد بحديث البعض عن أخطاء الإخوان وتشبيههم بجبهة الانقاذ لتبرير الانقلاب عليهم ، ليؤكّد بأنّ خطّ الرجعة وإن كان بعيدا، إلا أنّه لا بد من تدخّل وسطاء نزهاء لإيجاد حلّ سلمي يحقن دماء المصريين.
*بداية، كيف تنظر إلى ما يجري في مصر من اعتقالات ومجازر؟
أمر مؤسفٌ حقًا ولا أحد يتمنّاه لمصر وشعبها إلا أنّنا نرى ونتوقّع أن يحصل لهم مثل ما وقع لنا في الجزائر.
*هل تتوقّع أنّ خطّ الرجعة ما زال قائما؟
الأمر ليس توقّعا ولكن من خلال الخطوات التي يقومون بها كاعتقالات طالت حتّى مرشد جماعة الإخوان المسلمين والمجازر المرتكبة وإطلاق سراح مبارك كلّها تقطع خطّ الرجعة، وإن كنّا نتمنّى أن يكون هناك خطّ للرجعة لأنّه إذا تطوّرت الأوضاع إلى الأسوإ فسيسجّل أكثر في فاتورة الانقلابيين، وعليه فالتّراجع أحسن بالنّسبة إليهم وللبلاد، ولنا مثال في البرادعي فقد كان مع الانقلابيين لكن بعد الاستقالة حُسب له ذلك.
*البعض يقول إنّ الإخوان ارتكبوا أخطاء جبهة الإنقاذ المحظورة وهو ما قاد العسكر إلى التّدخل؟
هذا غير صحيح فأوّلا "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" دخلت الانتخابات التشريعية والقيادة كانت في السجن فكان دخولها من أجل إيجاد الحل ونجحت بنسبة كبيرة، وقضيّة الأخطاء في مصر لا يتكلّم عنها في هذا الوقت إلا الخصوم فعين السْخط تبدي المساوئ، فهذا حديث الفلول الذين عاشوا سنين متسلّطين على الشعب المصري وهم اليوم لن يقدّموا له شيئا إيجابيا، وكان الواجب الحديث عما قدّمه مرسي من إنجازات وخطط للوصول إلى حلول سياسية سلمية حتّى قبل شهر من الانقلاب عليه، فرفضوا كل شيء وجاءوا بخطّة أخرى لأنّه كان واضحا أنّ الأمر أكبر من ذلك وأنّه يتعلّق بمصالح دول مهيمنة وأعداء داخليين فتجمّع الكل على إسقاط مرسي والتّمرد على الشرعية.
*البعض يرى أنّ حملة الاعتقالات التي تطال قيادات الإخوان من شأنها أن تقود الشباب المؤيّد للشرعية إلى العمل المسلّح، كيف ترى ذلك؟
الشيء الذي أراه هو أنّ الانقلابيين يسعون بكلّ الوسائل ويبحثون عن كل السبل لدفع الشباب المؤيّد للشرعية والرافض للانقلاب إلى حمل السلاح بل ويغلقون دون ذلك كل الأبواب، وهم ينتظرون هذا ويسوّقونه للغرب حتّى يبرّروا قتالهم تحت شعار "مكافحة الإرهاب"، ونرجو أن لا يسقط الشباب المصري في هذا، كما نسأل الله أن يجنّبهم ما وقع في الجزائر من تجربة مريرة.
*السيسي قال في خطابه إنّ مصر تسع الجميع، هل حقيقة أنّ شيخ الأزهر يمكن أن يكون وسيطا لإيجاد حل سلمي بعد تلك التصريحات؟
كلمة السيسي ما هي إلا كلمة استهلاكية والواقع يكذّبها، وبالنّسبة إلى شيخ الأزهر فهو طرف في الأزمة وجزء من الفلول، والوساطة يجب أن تكون من علماء صادقين وشخصيات نزيهة كطارق البشري وسليم العوّا مثلا، ونرجو أن يسارع أهل الخير والعلم إلى تقديم وسطاء لحقن الدّماء وتجنيب البلد المزيد من المآسي.
الجماعة لن تسقط والإخوان لم يكونوا حريصين على السلطةأكد إبراهيم منير الأمين العام للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين أن الجماعة لم ولن تسقط، كما شدد على أن الإخوان لم يكونوا حريصين على السلطة.
وقال في تصريحات لصحيفة (المصري اليوم) نشرتها أمس الخميس : "التنظيم لن يتأثر بسقوط عمود فكري أو تنسيقي، وأقول لمن يرددون أن هذه الأزمة التي تعيشها جماعة الإخوان المسلمين ستؤدي إلى إنهاء وجودها بأن الجماعة لم ولن تسقط، ومنذ عام 1928 يقولون بعد كل محنة تعيشها الجماعة أنهم انتهوا، ولم يستطع أحدٌ إسقاطها".
ووصف ما حدث في مصر بأنه "انقلاب مدبر من الجيش بمساعدة عدد من الأطراف الخارجية، وعلى رأسها الإمارات وأحمد شفيق ..".
وأضاف: "الإخوان لم يكونوا حريصين على السلطة وزاهدين فيها، وحاولوا إقناع عدد من الشخصيات كالمستشار طارق البشري بالترشح للرئاسة ودعمه، وكانت ترغب في إنهاء الحكم العسكري وسد كافة الطرق أمام عودة الفلول إلى حكم مصر، لذلك تقدمت، ودفعت بمحمد مرسي".
وعن اعتقال مرشد الجماعة في مصر محمد بديع، قال: "أرفض حملة الاعتقالات ضد قيادات التيار الإسلامي بصفة عامة ولا نميز بين فرد وفرد.. هذه الاتهامات تأتي على خلفية تحريضية وانتقامية وليست مدعومة بأدلة قانونية وجنائية حقيقية تدين هذه القيادات ولا نملك إلا أن نقول لهؤلاء الذين يقومون بإجراءات تعسفية ضد الإسلاميين الزموا الحق".
وقال: "جماعة الإخوان المسلمين جماعة سلمية في أفكارها ومنهجها، وتاريخها الطويل خير دليل لدحض كافة الأكاذيب المروجة عن أننا نمارس إرهابا ضد البشر أو نرتكب جرائم".
وأضاف: "نتحرك على كافة المستويات الإعلامية والسياسية، لتصحيح الصورة المغلوطة التي تقوم وسائل الإعلام المصرية والسلطة الحالية للبلاد بنقلها للخارج عن أن مظاهرات 30 جوان ثورة شعبية، وأكدنا لوسائل الإعلام الغربية أن ما حدث في مصر انقلابٌ عسكري مكتمل الأركان عن طريق تغيير نظام الحكم السائد في البلاد بإطاحة الجيش بالحاكم".
وأكد أن التنظيم يملك "قنوات اتصال مفتوحة مع المسؤولين في إدارة أوباما ومع مسؤولين كبار في الكونغرس، لأننا نعلم أن لديهم قدرة كبيرة على توجيه السياسات الأمريكية تجاه الشرق الأوسط".
أوربا تقطع السلاح عن السيسي وفرنسا تُلوح بالقوة ضد الأسدبرزت المواقف الأوربية في المشهد العالمي تجاه مجازر رابعة والنهضة في مصر ومجزرة "الغوطة" في سوريا حيث قرر الاتحاد الأوربي تعليق تزويد الانقلابيين في مصر بالتجهيزات الأمنية والعسكرية. كما لوّحت فرنسا على لسان وزير خارجيتها بالرّد بقوة في سوريا إن ثبت استعمال الحكومة السورية للأسلحة الكيماوية في إبادة المدنيين، بينما حال الضغط الروسي دون دعوة مجلس الأمن الدولي في اجتماع أعضائه الطارئ لاتخاذ إجراءات صارمة للتحقيق في الكيماوي السوري عقب مجزرة غوطة دمشق.
قرر الاتحاد الأوربي تعليق تزويد مصر بالتجهيزات الأمنية والأسلحة، حسب ما أعلنت عنه وزيرة الخارجية الأوربية، كاثرين آشتون، في ساعة متأخرة من ليلة أول أمس، عقب انقضاء أشغال الاجتماع الطارئ لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي ببروكسل حول الأزمة الراهنة في مصر، معلنة أن الاتحاد الأوروبي لا يقوم بدور الوساطة في مصر بل يعمل على مساعدة جميع الأطراف دون الانحياز إلى طرف دون الآخر في تبرير مسبق لقرارات منع السلاح عن المؤسسة العسكرية المصرية في حال تعاطف أوروبي مع الإخوان وانحياز لهم .
وبررت آشتون اقتصار عقوبات الاتحاد الأوربي على جانب تعليق المساعدات الأمنية العسكرية دون الاقتصادية التنموية بتمسك وزراء خارجية أوربا بدعم الشعب المصري خاصة الفقراء منهم حيث قطع المساعدات الاقتصادية يضّر بالدرجة الأولى المواطن المصري الفقير وأن عقوبات الاتحاد الأوربي جاءت ردا على الاستعمال المفرط للقوة من قبل قوات الأمن المصرية وعرقلة العملية الديمقراطية. كما صعّد وزير الخارجية السويدي من تصريحاته ملوّحا بعقوبات أكثر حزما تجاه جميع الأطراف التي تدفع مصر إلى الانزلاق في نفق العنف المظلم داعيا أوربا لاتخاذ لهجة قوية لإدانة ومحاربة العنف في مصر.
ومن جانب آخر، طالب لوران فابيوس، وزير الخارجية الفرنسي، عقب مجزرة "الغوطة" بسوريا، المجتمع الدولي للرد بقوة على بشار الأسد إذا ثبت استعماله لأسلحة محظورة وشنه لهجوم كيماوي على المدنيين في "الغوطة" السورية رافضا الخوض في تفاصيل الرد أو إن كنت باريس سترسل قوات برية إلى سوريا مكتفيا بالتشديد على أن فرنسا والمجتمع الدولي بإمكانه اتخاذ قراراته بطرق أخرى خارج مجلس الأمن الدولي إن عجز عن اتخاذ قراراته ضد الحكومة السورية إن ثبت استعمالها لأسلحة كيماوية لإبادة السوريين.
وحذّر مجلس الأمن الدولي في اجتماعه الطارئ عقب مجزرة الغوطة السورية الحكومة السورية وجميع أطراف الصراع في سوريا من استعمال الأسلحة المحظورة دون دعوة صريحة للتحقيق في مجزرة الغوطة رغم تقارير الاستخبارات الفرنسية والبريطانية المشيرة إلى احتمال استعمال الحكومة السورية للكيماوي لإبادة المدنيين، حيث خفف مجلس الأمن الدولي من حدة البيان الختامي لاجتماع أعضائه الطارئ عقب مجزرة "الغوطة" إثر اعتراضات وضغوط من دبلوماسيي روسيا والصين، ما يُجدد مخاوف مراقبين من استمرار المجازر في كل من سوريا ومصر في ظل تجاذبات القوى الدولية وعدم استقرار لعبة التوازنات والمصالح بين مختلف الدول حول مصير الأزمة المصرية ومن قبلها السورية، خاصة بعد تكثيف دول خليجية كالسعودية والإمارات لجهودها الدبلوماسية وضغوطها الاقتصادية دوليا ما يرهن مصير السوريين والمصريين.
مسيحيُو مصر.. الأقلية التي تحكم الأغلبية في الخفاءطفا مسيحيو مصر إلى السطح، ودوّلوا ما اعتبروه قضيتهم مع الإخوان والإسلاميين، ضمن معادلة حماية الأقليات، وأيضا تشويه الإسلام في العالم، رغم أن التاريخ يشهد أنه لم يمسسهم سوءٌ أبدا في مصر. والغريب أنهم كانوا لا ينتقدون الرؤساء الذين يتداولون على حكم مصر، إلا بعد رحيل هؤلاء، حيث وصفوا جمال عبد الناصر، بعد وفاته بـ"عدوّ المسيحيين"، رغم أن انشغالات عبد الناصر كانت أبعد ما تكون عن ذلك عندما منح مراكز قيادية في الجيش للأقباط. وقالوا إن السادات كان إسلاميا ولم يحمهم من بطش الإخوان، وزوجته جيهان كانت تزور الكنائس باستمرار وهي التي ساهمت في جعلها أجمل من كل مساجد مصر، ثم قالوا إن أسوأ فترة عاشوها في تاريخهم، كانت في عهد حسني مبارك، وعدّدوا الكثير من الأحداث التي رافقت فترة حكمه، مثل الاعتداء على الأقباط في كنيسة العمرانية أو حادثة تجمّع حمادي.
وفي الفترة الأخيرة، أعلنوا الحرب على الإخوان واتهموهم باختطاف بناتهم الصغيرات واغتصابهن، وإجبارهن على الزواج من مسلمين. والغريب أنهم هللوا لقرار الإفراج عن حسني مبارك، لأن كل التقارير تؤكد أن زوجته سوزان مسيحية ولم يكن لها أي انشغال سوى منحهم مزيدا من الرفعة. وكان المفكر محمد عمارة قد أثار الرأي العام في مصر عندما كشف عن تحوّل مصر بالكامل بعد مئة سنة من الآن إلى الإسلام، لأن عدد 40 ألف قبطي الذين يعتنقون الإسلام في السنة الواحدة، يعني اضمحلال المسيحية في مصر، إضافة إلى كون المسيحيين لا همّ لهم سوى الهجرة من مصر.
وبهذه السيناريوهات الأخيرة، نسفوا الصور الجميلة التي صنعتها ثورة 25 يناير 2011 على مبارك، عندما جمع "ميدان التحرير" في عز الثورة الشعبية، شعائر دينية إسلامية وطقوسا مسيحية، تابعها العالم بأسره، خاصة الذين يدينون بالإسلام وبالمسيحية في دولة حق ومساواة حقيقية صنعها الميدان لبعض الوقت، جمعت كل الأطياف التي فرقتها دولة مبارك، "ميدان التحرير" الذي حوّلته الأحداث إلى الأشهر في العالم، ورُشح حينها لخطف الأنظار من أهرامات الجيزة أو أبي الهول أو المومياءات أو الأقصر أو منتجعات الغردقة وشرم الشيخ، وكان القداس المسيحي وصلاة الغائب الإسلامية، التي تابعها العالم في زمن الثورة الأولى، عبر المئات من فضائيات العالم أنست المصريين كل الخلافات الدينية التي زرعتها الأنظمة المصرية وأجّج لهيبها الموساد..
وإذا كان الفراعنة قد بنوا الأهرامات، والفاطميون بنوا الأزهر، وجمال عبد الناصر شيّد السد العالي، وكلها معالم ما زالت قائمة وشاهدة، فإن شباب مصر أضاع بعد "الثورة" الثانية تشييد أكبر ميدان، وأهمه في العالم بعد أن تمكن لفترة وجيزة فقط من تفتيت نظام جبّار كتم الأنفاس، وحتى المستشفيات الميدانية وهي شبه عيادات في الهواء الطلق التي شيدت هناك، جمعت المسيحيين والمسلمين، وكان الشباب من طول مدة بقائهم في "ميدان التحرير" يكتبون مذكراتهم ويركّزون على وحدة المصريين، لتنقلب المعادلة الآن رأسا على عقب بعد أحداث ما بعد الأربعاء الأسود .
ولم يجد السيسي من حل لإقناع الغرب بانقلابه، سوى المساس بالمسيحيين وإدخالهم في صدام مع الإخوان، لأنه يدرك أن المساس بالمسيحيين في أي دولة عربية يثير أوربا وفرنسا بالخصوص، التي ليّنت موقفها. ويبلغ تعداد المسيحيين في مصر حوالي 8 ملايين نسمة، أي 10 بالمئة من تعداد المصريين، ولم يساهموا كثيرا في النهضة المصرية، فكانوا يركزون على الحياة البورجوازية، ولم يواكبوا ما قدّمه المسلمون في ميادين العلم والآداب والفنون، وعندما نعلم أن قرابة 5 ملايين مصري من المهاجرين من المسيحيين، ندرك أن ارتباطهم بالغرب هو همّهم الأول.
وهناك من اتهمهم بتدبير حرق الكنائس لطلب اللجوء إلى الدول الأوروبية بسبب الحالة الاقتصادية والاجتماعية الصعبة حاليا في مصر، إذ أحصت بريطانيا وحدها في العامين الماضيين قرابة 5 آلاف طلب للهجرة إلى أراضيها دوّن طالبوها من المسيحيين، ما أسموه بـ"البطش" الذي عاشوه و"المحارق" التي يزعمون أنهم تعرضوا لها من طرف الإخوان المسلمين، وتكهنوا بأن تتحول مصر إلى بؤرة إرهاب يتم فيها تصفية المسيحيين، وهي أمنيتهم حتى يتمكنوا من ترك مصر نهائيا.