بيليه ومارادونا وبلاتيني وزيدان والآن ميسي, هي أسماء لا نكاد أن ننتهي من سماعها في مباراة وإلا وترددت في المباراة التي تليها أو في برنامج رياضي أو أو أو, لكن هناك آخرون أطربوا الساحة الفنية لكرة القدم بفنياتهم وتسديداتهم وتمريراتهم السحرية وأهدافهم الحاسمة لكن ألحانهم الجميلة لم تصلنا فذهبت طي النسيان وهم أساطير ظلموا ربما بسبب حياتهم الشخصية أو ربما لأنهم جاؤوا في زمن كثرت فيه الأساطير أو لاعتبارات أخرى.
سقراط.. الفريد والطبيب والسياسي
سقراط سامبايو دي أوليفيرا ولد عام ١٩٥٤ وتوفي عام ٢٠١١, أحد أبرز من مثل القميص الذهبي “برازيل الأحلام” في مونديال ١٩٨٢ وقد تتفاجأ عندما تعلم أنه احترف كرة القدم فقط عندما كان في سن الـ٢٤ عاماً بعد تفرغه من تحصيل العلم, نعم فقد كان انساناً مجتهداً في دراسته وكان زملاؤه من اللاعبين يتهامسون ويقولون “معنا لاعب طبيب أطفال وكان مصدر فخر لهم”.
منح حياته الشخصية لبلاده وللانسانية وضحى بالكثير من أجل مبادئه السامية, فبعد انتقاله إلى الدوري الإيطالي وتحديداً إلى فيورينتينا موسم ١٩٨٤-١٩٨٥ غادر عائداً إلى بلاده غير راغب بالبقاء لما وصفه بالظلم معترضاً على ارتفاع دخل لاعبي كرة القدم دون غيرهم من الناس.
كان سقارط سياسياً محنكاً وأول الأعلام التي وقفت ضد النظام العسكري البرازيلي والظلم والديكتاتورية بل أنه احترف كرة القدم لا لأجل المال وبل لأجل الشهرة التي كانت وسيلته الوحيدة لرفع صوته وحماية نفسه من البطش وتحقيق غاية بقيت مكبوتة في قلوب البرازيليين عقوداً طويلة فكان يقيم بهم الخطب المعارضة ويفرج عن كبتهم وغضبهم.
كروياً لقب سقراط بـ”المسطرة” كناية عن دقة تميرارته القاتلة وكان يمتلك من المؤهلات ما تجعله يفوق غيره من لاعبي الوسط فكان قوي البنية سريع البديهة مفعم بالمهارات ناهيك عن قاذفته للتسديدات النارية وكما لقب فهو مسطرة بتمريراته.
وصفه بيليه الأبيض “زيكو” باللاعب الفريد, وقال عنه بيليه: إنه أحد أفضل ١٠٠ لاعب في تاريخ كرة القدم, أما الرئيس البرازيلي فكانت كلمات وداعه عند رحيله عن الحياة في العالم المنصرم “البرازيل فقدت أحد أبر أبنائها, كان عبقرياً ولمسته للكرة معادلة معقدة يصعب حلها”, أما الأسطورة الإيطالية دينو زوف فقال عنه “إنه بطيء وسريع في آن واحد لا أفهم ذلك” ولم يختلف معه هداف إيطاليا سابقاً باولو روسي فقال “كنا نعتبره في زمننا لاعب من زمن مختلف”, وأشادت به جماهير فيورينتينا بعد رحيله وقالت “لن ننسى ذكاءه ودهاءه في الملعب”, أما أجمل ما قيل عنه فكان من أحد زملائه السابقين في النادي الإيطالي والذي كتب قائلاً “إنه كالزجاجة المصنتة”, وقيل وقيل وقيل.
ربما لم يلقَ سقراط هالة إعلامية كمارادونا أو بلاتيني لبدئه عالم الاحتراف متأخراً أو ربما لأنه جاء في زمن تواجد فيه كل هؤلاء وضمن كوكبة من الأساطير البرازيلية في جيل واحد أو ربما لعدم تفرغه بشكل كامل لكرة القدم واهتمامه بالأمور السياسية والإنسانية وكما قال مدربه في فيورينتينا “كان ذكياً جداً يختلف عن باقي زملائه, وكان فضولياً لا يخضع للأوامر بسهولة إلا بعد تفسيرها وشرحها وإعطاء الحجة”.